إشكالية البيداغوجيا والتدريس بالمقاربة بالكفاءات
الربح من الأنترنت كثيرا ما نسمع به، إلا أنّ الربح على مستوى العقول قليلا ما نسمع بها مثال: مصطلح المقاربة بالكفاءات أو بداغوجيا الإدماج، هذه الطرق العصرية التي تجعل العملية التعلمية المبنية على أسس ديداكتيكية، عملية ممتعة.
المقـدمــــــــــة
المقارب لااكفاءات هي إحدى الطرق التدريسية المعتمدة في تدريس مادتي التاريخ والجغرافيا حيث تتيح للمتعلم بأن يكون هو محور العملية التعليمية و يتوصل بنفسه إلى الأهداف المسطرة في المنهاج محققا الربح والفائدة في حياته الدراسية في ظل توجيه الأستاذ على منهجية التدريس.
المناهج التعليمية للتدريس
تعد عملية التجديد و التطوير في مختلف الميادين مسالة طبيعية بل ضرورية تقتضيها التحولات و المستجدات في المجتمعات إذ يهدف كل تطوير إلى تحقيق الفعالية و السعي نحو الفضل في نفس مجال الحياة ، والأولى بالتطوير هو قطاع التربية و التعليم لأنه مجال يتعلق ببناء الفرد الذي يعتبر الثروة و الركيزة الأساسية لكل تأسيس عقلاني ، سلم ببناء مجتمع المعرفة الذي أصبح بسمة العصر .
لذا ينبغي إعداد التلميذ المراهق للتفاعل و التكيف مع المجتمع و المساهمة في تطويره ، فالتلميذ المراهق المزود بكفاءات ومعارف تشكل أدوات تسمح له بمواجهة مختلف الوضعيات و المواقف في الحياة اليومية بنجاح .
وهنا يأتي دور المؤسسة التعليمية لتحويل هذا المسعى إلى ممارسة فعلية ، ولن تأتي ذلك إلا من خلال منهاج يتماشى وهذا السياق، جاء التطور التاريخي –مقاربة التدريس بالمضامين (المحتويات) إلى مقاربة التدريس بالأهداف إلى مقاربة التدريس بالكفاءات في بناء المنهاج وهي تطور التنظيم العملية التعليمية.
مقاربة التدريس بالمضامين
إن المنظور الاستراتيجي لمقاربة التدريس بالمضامين ، كان يعتمد على مكونات ترتبط فيما بينها ضمن علاقة ينقصها الانسجام و التوافق ، حيث كان الاهتمام يذكر على مكون دون الآخر وهو ما اثر سلبا على النتائج العلمية لذلك جاء نموذج التعليم بالأهداف كبديل لتحقيق التوازن بين المكونات العلمية التعليمية حيث كان التواصل يعتمد على المرسل (المدارس) و المستقبل (التلميذ) ونلاحظ انعدام التغذية الراجعة في المخطط التقليدي إذ انه الاتجاه الذي يتبعه المسار أحادي ذهابا بلا رجوع.
إن مشاركة التلميذ ضمن هذه الرسالة سلبية ومنعدمة أكثر، ليس له دور في إثراء الرسالة أو تعديلها وينتج عنه:
- انطواء التلميذ على نفسه وتحجره وتقوقعه حول ذاته.
- ضعف التفاعلات ولاسيما على المستوى الوجداني.
مقاربة التدريس بالأهداف
جاء هذا النموذج كإعلان دورة على المفاهيم الكلاسيكية للتربية، التي كانوا يلاحظون نتائجها العفيفة في المجالات التطبيقية، وما يميزها بشكل نظام متكامل في منظوره الشامل...نفسيا منسجما في مكوناته واسسه وأهدافه حيث يصبح نموذجا مثاليا قابلا للتطبيق(في زمن ظهوره)وفق خطة علمية واضحة المعالم تجعل التلميذ مركز للعملية التعليمية وقلبها النابض يتمتع بالاستقلالية التامة في توجيه إرادته نحو إشباع حاجاته العقلية و النفسية و الوجدانية و الحس حركيا بما يرضي رغباته وتوجهاته وطموحاته. وكل ذلك يؤدي إلى جعل التلميذ هو محور العملية التعليمية يندرج ضمن نشاطاته بفعالية كبيرة، فيحركها ويتعامل معها بمستويات عالية من المسؤوليات و الوعي بالمشكلات المحيطة به ، ومن الرواد الذين أسسوا نموذج التدريس بالأهداف:
- بــــــــــوبـيـت: أفكار إصلاحية كثورة على الأساليب التربوية التقليدية سنة 1918.
- رالـــف تايلــر: كان سلوكيا لهذا تبنى الخلفية السلوكية كأساس سيكولوجي في التدريس سنة 1949
- بنجـامين بلـوم: اقترح التدريس بالأهداف ثم نشر 1956 منصف يعرف بصناعة الأهداف التربوية المجال المعرفي والسلوكي والعاطفي الاجتماعي.
مقاربة التدريس بالكفاءات
ينبغي التذكير بان بداغوجيا الكفاءات، جاءت كنتيجة حتمية لتطور طبيعي بيداغوجيا الأهداف، حيث كان الصراع معتمدا بين أنصار المدرسة السلوكية التي يتأسس على مبادئها التعليم بالأهداف، وأشهر روادها تورندايك و واطسن وبافلوف و سكنر، وبين المدرسة البدائية ذات الترعة العقلانية التي من أشهر روادها العالم السويسري جون بياجي. وهي مدرسة تقوم في الأساس على مبادئ عقلانية ووضع جذورها ديكارت في القرن السابع عشر و الفرق بين النظريتين يقوم على أساس أن المدرسة السلوكية تنظر إلى التعلم على انه آلية يكيفها نظام مثيرو الاستجابة، تعتبر التعلم نشاطا عقليا بحتا يحدث عن طريق السيرورة العقلية وليست نتيجة مثير استجابة ومعنى ذلك إن التعلم يقع نتيجة لتفاعلات تقع بين الإشكالية و الذات الإنسانية فالإنسان خلقه الله سبحانه بقدرات عقلية خارقة، بها يتم التعلم عن طريق التبصر (الإدراك) العلاقات و الأشكال التي ينتظم من سياقها الوضعيات التعليمية. وبذلك فهي تجعل المتعلم محورا أساسيا لها وتعمل على إشراكه في مسؤوليات القيادة وتنفيذ عملية التعلم وتقوم أهدافها على اختيار وضعيات تعليمية مستوحاة من الحياة في وضعية مشكلات ترمي إلى حلها باستعمال المعارف و الأدوات الفكرية و المهارات الحركية الضرورية.
بالنسبة للتلميذ:
لكل متعلم في المجموعة دور مسؤول عنه ضمن مجموعة ومن هذه الأدوار:
- قائد المجموعة: يتول مسؤولية إدارة المجموعة ووظيفته التأكد من المهمة التعليمية، وطرح أي أسئلة توضيحية على المدرس، وكذلك توزيع المهام على أفراد المجموعة.
- المقـــرر: يتولى مسؤولية تسجيل النتائج إما بشكل شفهي أو كتابي وإيصالها للمدرس أو للقسم بأكمله ويقدم عمل ما توصلت إليه من نتائج لبقية المجموعات.
بالنسبة للأستاذ:
يعتبر المدرس احد العوامل المهمة في نجاح العملية التربوية ويتمثل دوره في تطبيق وتنفيذ التعلم في مجموعات:
- الإعداد للعمل بالمجموعات: أي إعداد المتعلمين ذهنيا ومهاريا وانفعاليا لتقبل الموقف الجديد و العمل في مجموعات وتقديم النصح و التوجيه ، ويحدد نشاط كل مجموعة و الفترة الزمنية للعمل .
- للمشاركة في المكافأة: يحدث ذلك عندما يحصل كل متعلم في المجموعة على نفس المكافأة بعد إتمام المهام المطلوبة ،فالكل يكافأ أو لا احد يكافأ كما أنها تعمل على شارة دافعية أفراد المجموعات للمشاركة الفاعلة إثناء تنفيذ النشاط .
- المشاركة في مصادر التعلم: وذلك من خلال توزيع المهام على الأفراد داخل المجموعات فيتولى كل منهم انجاز مرحلة أو جزء منها وبذلك يتم التعاون لانجاز المهام المطلوبة.
- وحدة الهدف لجميع أفراد المجموعة: يجب على المدرس أن يحافظ على وحدة الأهداف المشتركة داخل المجموعة ويلاحظ ويشرف على المتعلمين بحيث يبذل كل متعلم جهده لتحقيق ذلك.
- تنمية السلوكات: ويتمثل في تحقيق التواصل الجيد بين أعضاء المجموعة الواحدة واحترام آراء الآخرين والإنصات وعدم الانصراف عن سماع الآخرين، والالتزام مع المجموعة حتى الانتهاء من العمل ونقد الأفكار لا نقد أصحابها وتوخي العدل في تقسيم الأدوار و المرونة في الاتفاق على أفكار مشتركة حين لا يكون اتفاقا تام وهناك إشكال للعمل داخل المجموعات بناء على المهمات المراد تحقيقها .
دواعي اختيار المقاربة بالكفاءات
إن الإنسان يولد مزودا بقدرات واستعدادات، وعلى المدرسة أن تعمل على تسميتها وتطويرها لتصل بها إلى غاياتها و القدرة التي لا تبطق يمكن أن تضمحل مع الزمن، لذا توجب على المدرسة أن ترقى بالقدرات النظرية غالى مراقي الكفاءة والأداء الماهر و الدقيق، فبدلا من تقديم المعرفة عليها بتقديم آليات اكتساب المعرفة وبدلا من تراكم المعرفة مع الزمن يفضل بناؤها و التحكم في كفاءات تصلح لمرحلة ما بعد المدرسة لمواجهة مشكلات الحياة. وتتلخص دواعي اختيار المقاربة بالكفاءات فيما يلي:
- ضرورة الاستجابة لتزايد حجم المعلومات في مختلف المواد العلمية .
- ضرورة تقديم تعليمات ذات دلالة بالنسبة لكل ما يتعلمه التلميذ ويؤدي به إلى التساؤل لماذا يتعلم تقنية معينة وبطريقة محددة .
- ضرورة إيجاد فعالية داخلية من اجل تعليم ناجح وتكافؤ الفرص للجميع.
- ضرورة الاستجابة في النوعية وحسن الأداء من خلال اختيار مسعى بيداغوجي يضع المتعلم في محور الاهتمام .
- اعتماد بيداغوجيا يكون شغلها الشاغل تزويد المتعلم بوسائل التعلم وما يسمح له بان التعلم كيف يفعل وكيف يكون؟
الكفاءة كمبدأ منظم للمنهاج
الكفاءة هي حملة القدرات و المعارف الضرورية لمعالجة أية وضعية تعليمية واعتمادها كمبدأ منظم للمنهاج يعني أن الكفاءة هي التي تتحكم في تحديد المحتويات كمعارف أساسية ومبادئ منظمة للمادة (مفاهيم، قواعد ونظم) يتم اختيارها وفق منظور جديد هو المسعى لمعالجة الإشكالية أو حل المشكلات ويتطلب ذلك هيكلة خاصة للمادة التعليمية وتنظيم المنهاج وفق الخطوات التالية:
- تحديد الكفاءة الختامية التي تستجيب لفئة خاصة من الوضعيات المرتبطة بالمجال المعرفي المقصور، وقد تتحقق في فصل أو في سنة أو بعد مرحلة تعليمية وقد تستمر متواصلة عبر مراحل متتالية .
- تحديد الكفاءة المرحلية المناسبة لكل وحدة تعليمية مع الحرص على البقاء داخل إطار الفئة الخاصة بوضعيات الكفاءة الختامية
- تحديد الوحدات التي تتكون منها المجال المعرفي.
- اختيار المحتويات المعرفية التي تتطلبها الوحدة التعليمية المبنية على دروس تتضمن عناصر مفاهيمي للبناء، تتحقق خلالها كفاءات قاعدية عبر نشاطات أو مؤشرات الكفاءة.
- وضع جدول تخصيص لكل وحدة تعليمية لاستخراج مؤشرات الكفاءة .
- إعداد شبكات التقويم في شكل معايير ذات طابع معرفي وسلوكي.
خلاصة عامة عن المقاربة بالكفاءات
المقاربة بالكفاءات (l'approche par compétence) هي مقاربة أساسها أهداف معلن عنها في صيغة كفاءات، يتم اكتسابها بالاعتماد على محتويات منطلقها الأنشطة كدعامة ثقافية ومكتسبات المراحل السابقة، وبمنهج يركز على التلميذ للاستعداد لمواجهة تعليمات جديدة ضمن سياق يخدم ما هو منتظر منه في نهاية مرحلة تعلم معينة ، أين يكون النشاط البدني و الرياضي دعامة لها ، كما يتضمن التعلم عملية شاملة تقتضي إدماج معلومات علمية وأخرى عملية تساعده على التعرف أكثر على كيفيان حل المشاكل ،فمسعى هذه المقاربة هو توحيد رؤية التعليم على التعلم من حيث تحقيق أهداف مصاغة على شكل كفاءات قوامها المحتويات ،وتستلزم تحديد الموارد المعرفية و المهارية و السلوكية لتحقيق ..... المنتظر (الكفاءة) في نهاية مرحلة تعلم ما.
ولمزيد من المعلومات حمّل الكتابين التاليين:
- نظــريـــــــات الـتــــــعـلـــــــم :
- المقاربة بالكفاءات في الجزائر: